ياسر الزبيري: من أحياء الشعبية إلى كتابة اسمه بأحرف من ذهب في كأس العالم

النشأة والعائلة: من أين جاء الحلم؟

وُلد ياسر الزبيري سنة 2005 في مدينة إفران، من أبٍ أصله من مراكش وأمٍّ من خنيفرة. بعد فترة قصيرة من ولادته، انتقل والداه إلى مدينة الرباط من أجل ضمان تعليمه في إحدى المدارس المعروفة هناك، حيث نشأ في بيئة تجمع بين الدراسة والانضباط والولع بكرة القدم. في أزقة الرباط الشعبية، بدأ ياسر أولى لمساته مع الكرة، يلعبها بين جدران الحي وساحات المدرسة، مكوِّنًا حسّه الكروي الأول. كان الحلم يكبر داخله يومًا بعد يوم، وكل مباراة في الحي كانت بالنسبة له نهائي بطولة العالم.

ومع مرور السنوات، لاحظ والده موهبته المتفردة، فقرّر أن يمنحه فرصة أكبر لتطويرها. عندها انتقلت العائلة إلى مدينة مراكش، وهناك بدأت المرحلة الحقيقية لاكتشاف موهبة ياسر. في مراكش، برز بشكل لافت في الأحياء الشعبية، حيث كانت مهارته تجذب الأنظار وتثير الإعجاب بين أقرانه ومدربيه المحليين. في موسم 2012 – 2013، انضم إلى مدرسة نادي الكوكب المراكشي، إحدى الجمعيات الرياضية المرموقة في المدينة الحمراء. قضى سنة كاملة في صفوفها، أظهر خلالها التزامًا كبيرًا وتطورًا سريعًا في أدائه الفني والتكتيكي. كان واضحًا للجميع أن هذا الطفل يحمل شيئًا مختلفًا.

وفي أواخر سنة 2013، وبعد موسم ناجح مع الكوكب المراكشي، التحق ياسر الزبيري رسميًا بـ"أكاديمية محمد السادس لكرة القدم"، التي شكلت نقطة التحول الكبرى في مسيرته. هناك بدأ فصل جديد من قصته، قصة لاعب خرج من الأحياء الشعبية ليشق طريقه نحو المجد، وليكتب لاحقًا اسمه بحروف من ذهب في تاريخ كرة القدم المغربية.

ياسر الزبيري: من أحياء الشعبية إلى كتابة اسمه بأحرف من ذهب في كأس العالم

من الأكاديمية إلى الحلم: حين يتحول الشغف إلى مشروع حياة

في أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وُلدت النسخة الجديدة من ياسر الزبيري. تحوّل من فتى يعشق الكرة في الأزقة إلى لاعب منضبط يعيش يومه بين التدريبات، التغذية، والدراسة الرياضية. تلقّى هناك تكوينًا احترافيًا مكثفًا، تعلم خلاله أصول التمركز، اللعب الجماعي، والهدوء أمام المرمى. مدربوه وصفوه بأنه “لاعب يملك عقل ناضجًا وجسدًا مقاتلًا”، يجمع بين الذكاء التكتيكي والرؤية الثاقبة. كان هدفه واضحًا: أن يمثل بلاده يومًا في المحافل الكبرى. ومن الأكاديمية انطلقت رحلته نحو الفرق المحترفة.

الاحتراف: بداية الحكاية خارج الحدود

بعد سنوات من التكوين الجاد، انضم ياسر إلى نادي اتحاد تواركة في البطولة المغربية الاحترافية، حيث أظهر أداءً متميزًا رغم صغر سنه. سرعته ومهاراته جعلته محط اهتمام وسائل الإعلام والمدربين، الذين رأوا فيه أحد الوجوه الواعدة في كرة القدم المغربية. وفي صيف سنة 2024، حقق حلمه بالاحتراف الأوروبي عندما وقّع عقدًا رسميًا مع نادي فاماليكاو البرتغالي لمدة أربع سنوات. كانت تلك الخطوة بمثابة تتويج لمسيرة طويلة من الاجتهاد، ونقطة تحول من المحلية إلى العالمية. في البرتغال، واجه ياسر تحديًا جديدًا: التأقلم مع أسلوب لعب مختلف، ومنافسة شرسة. لكنه سرعان ما أثبت قدرته على التأقلم، مقدّمًا مستويات لافتة جعلت الصحافة البرتغالية تصفه بـ"الجوهرة المغربية الجديدة".

مع المنتخب: الشغف الذي أشعل المدرجات

لم يمر وقت طويل حتى استدعاه مدرب منتخب المغرب لأقل من 20 سنة ليمثل “أشبال الأطلس” في الاستحقاقات الدولية. كان ظهوره الأول مع المنتخب حدثًا مؤثرًا بالنسبة له، إذ كان يرى فيه تحقيقًا لحلم الطفولة الذي بدأ في أزقة الرباط. تألقه في المباريات الودية والتصفيات جعله واحدًا من أعمدة المنتخب المغربي للشاب. يصفه زملاؤه بأنه لاعب “هادئ خارج الميدان، ناري داخله”، بينما يرى فيه الجمهور نموذجًا للاعب المغربي المتوازن بين التواضع والمثابرة.

كأس العالم: الليلة التي وُلد فيها البطل

في نهائي كأس العالم للشباب 2025 في تشيلي، وقف ياسر الزبيري في مواجهة المنتخب الأرجنتيني ضمن تشكيلة أسطورية لـ “أشبال الأطلس”. منذ الدقائق الأولى، أظهر ثقة لا توصف، وسجّل هدفًا رائعًا من ركلة حرة في الدقيقة 12، ثم أضاف هدفًا ثانيًا في الدقيقة 29 ليقود المغرب إلى فوز تاريخي (2-0)، مانحًا بلاده أول لقب عالمي في فئة الشباب. تصدّر اسمه عناوين الصحف العالمية، واعتبره المراقبون “الوجه الجديد لكرة القدم المغربية”. كما أصبح الهداف التاريخي لمنتخب الشباب المغربي في كأس العالم بخمسة أهداف، متجاوزًا أرقامًا ظلت صامدة لعقود. تلك الليلة لم تكن مجرد فوز، بل لحظة ميلاد نجم جديد كتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الكرة المغربية والعربية.

من حلم صغير إلى رمز كبير

من أزقة الأحياء الشعبية في الرباط ومراكش إلى منصات التتويج في تشيلي، رسم ياسر الزبيري طريقه بعرقٍ وإصرارٍ لا يعرفان المستحيل. قصته ليست مجرد سيرة رياضية، بل حكاية جيلٍ آمن بأن الموهبة حين تتغذى بالعمل والانضباط يمكن أن تفتح كل الأبواب. اليوم، ياسر الزبيري ليس فقط لاعبًا واعدًا في أوروبا، بل رمزٌ للأمل المغربي الجديد، وشهادة حيّة على أن الأحلام الكبيرة يمكن أن تبدأ من الأزقة الصغيرة.

الخاتمة

قصة ياسر الزبيري ليست مجرد مشوار كروي، بل هي رحلة إصرارٍ وحلمٍ ووفاءٍ للأصل. من الأحياء الشعبية البسيطة إلى المدرجات العالمية، كتب ياسر فصولًا من الإلهام لكل طفلٍ مغربي يحلم بالوصول. لقد أثبت أن النجاح لا يولد من الصدفة، بل من العمل المتواصل، والإيمان بالنفس، والدعم الأسري الذي لا ينقطع. واليوم، حين يرفع ياسر رأسه وهو يسمع النشيد الوطني في الملاعب الأوروبية، يحمل معه حكاية وطنٍ بأكمله، حكاية شاب آمن بأن الأحلام لا تعرف المستحيل.

الأسئلة الشائعة حول ياسر الزبيري

1. من هو ياسر الزبيري؟

ياسر الزبيري هو لاعب كرة قدم مغربي وُلد سنة 2005 في مدينة الرباط، تألق في الأحياء الشعبية للرباط ومراكش قبل أن يلتحق بأكاديمية محمد السادس لكرة القدم، ثم احترف لاحقًا في نادي فاماليكاو البرتغالي.

2. ما هي الأندية التي لعب لها ياسر الزبيري؟

بدأ مسيرته في مدرسة الكوكب المراكشي موسم 2012–2013، ثم انضم إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وبعدها لعب مع اتحاد تواركة في المغرب، قبل أن ينتقل إلى نادي فاماليكاو البرتغالي سنة 2024.

3. متى شارك ياسر الزبيري في كأس العالم؟

شارك في كأس العالم للشباب 2025 في تشيلي، حيث تألق بشكل لافت وقاد المنتخب المغربي للفوز باللقب لأول مرة في تاريخه.

4. ما أبرز إنجازات ياسر الزبيري؟

قاد منتخب المغرب للشباب إلى التتويج بكأس العالم، وسجّل خمسة أهداف ليصبح الهداف التاريخي للمغرب في البطولة، كما نال إشادة واسعة من الصحافة الدولية التي وصفته بـ “الجوهرة المغربية”.

5. ما الذي يميز شخصية ياسر الزبيري؟

يُعرف بتواضعه، وانضباطه العالي داخل وخارج الميدان، وروحه الجماعية. ياسر مثالٌ للشباب المغربي الطموح الذي لم تمنعه بساطة البدايات من الوصول إلى قمة المجد.

تعليقات