مصطفى الزموري المغربي: المكتشف المنسي لأمريكا

عندما نتحدث عن اكتشاف القارة الأمريكية، غالبًا ما يتبادر إلى الذهن اسم كريستوفر كولومبوس أو الفايكنغ الذين وصلوا قبل ذلك بقرون. لكن خلف هذه الرواية الأوروبية، هناك قصة مغربي منسي اسمه "مصطفى الزموري"، يُعتبر بحق من أوائل المسلمين والأفارقة الذين وطأت أقدامهم أراضي أمريكا الشمالية. قصة الزموري ليست مجرد رحلة استكشافية، بل هي شهادة على دور المغاربة في تاريخ الاكتشافات الكبرى.

مصطفى الزموري المغربي: المكتشف المنسي لأمريكا

من هو مصطفى الزموري؟

وُلد "مصطفى الزموري" أواخر القرن الخامس عشر في مدينة "أزمور" المغربية، وهي مدينة ساحلية صغيرة على المحيط الأطلسي. اشتهرت أزمور آنذاك بتجارتها البحرية وصلاتها مع أوروبا، لكنها تعرضت كذلك للاحتلال البرتغالي. في هذه الظروف، وقع مصطفى أسيرًا في أيدي البرتغاليين، وتم بيعه لاحقًا كعبد في إسبانيا، حيث عُرف باسم "Esteban de Dorantes" أو ببساطة "إستيبان".

رغم وضعه كعبد، قاده القدر ليكون شاهدًا على واحدة من أعظم الرحلات الاستكشافية التي عرفها التاريخ.

رحلة مصطفى الزموري إلى أمريكا

في سنة "1527م"، أُرسل مصطفى الزموري مع سيده الإسباني ضمن بعثة "بانفيلو دي نارفاييز"، التي انطلقت من إسبانيا نحو أراضي "العالم الجديد" بحثًا عن الثروات. لكن الرحلة كانت مأساوية؛ إذ غرقت السفن، وضاع معظم الجنود والمستكشفين، ولم ينجُ سوى أربعة أشخاص من بينهم مصطفى الزموري.

هؤلاء الناجون الأربعة عبروا مسافات شاسعة مشيًا على الأقدام من سواحل فلوريدا مرورًا بتكساس، أريزونا، ونيو مكسيكو، وصولًا إلى شمال المكسيك. كانت رحلة مليئة بالصعاب، لكنها تحولت إلى محطة حاسمة في تاريخ الاستكشاف الأوروبي لأمريكا.

دور مصطفى الزموري في استكشاف القارة الأمريكية

برز مصطفى الزموري بشكل لافت في تلك الرحلة بسبب مهاراته الاستثنائية:

  • كان قادرًا على التواصل مع القبائل المحلية بفضل سرعته في تعلم اللغات.
  • لعب دور الوسيط بين الناجين والسكان الأصليين، مما أنقذ حياته وحياة رفاقه.
  • اعتبره المؤرخون أول إفريقي مسلم "يخترق عمق الأراضي الأمريكية"، في وقت كان غيره يكتفي بالسواحل.

تروي بعض المصادر أن السكان الأصليين نظروا إليه نظرة إعجاب واحترام، حتى إن بعضهم اعتبروه "طبيبًا" أو "مبعوثًا روحانيًا" بسبب قدرته على التكيف والتواصل.

لماذا يعتبر مصطفى الزموري مكتشفًا منسيًا؟

رغم الدور المحوري الذي لعبه، ظل اسم مصطفى الزموري غائبًا عن كتب التاريخ المدرسية، لعدة أسباب:

  • انتماؤه لطبقة العبيد جعله غير مهم في نظر الأوروبيين آنذاك.
  • التاريخ الاستعماري ركّز على أبطال أوروبيين مثل كولومبوس وماجلان، متجاهلًا الآخرين.
  • قلة المصادر التاريخية التي وثّقت حياته مقارنةً برموز أوروبية أخرى.

ومع ذلك، بدأ بعض المؤرخين الأمريكيين في العقود الأخيرة إعادة الاعتبار له، واعتباره شخصية استثنائية ساهمت في كتابة فصل مهم من تاريخ القارة.

مصطفى الزموري مقارنةً مع كريستوفر كولومبوس والفايكنغ

1. "كولومبوس (1492م):" اكتفى باكتشاف جزر الكاريبي والسواحل، ولم يدخل إلى عمق القارة.

2. "الفايكنغ (1000م تقريبًا):" وصلوا إلى سواحل كندا الحالية لكنهم لم يستقروا طويلًا.

3. "مصطفى الزموري (1527م):" عاش وسط القبائل الأمريكية، قطع آلاف الكيلومترات، وأصبح همزة وصل حقيقية بين عالمين.

بهذا المعنى، يمكن القول إن الزموري كان "مستكشف الداخل الأمريكي"، بينما اكتفى الآخرون بالسواحل.

إرث مصطفى الزموري ودلالاته اليوم

اليوم، يُنظر إلى قصة مصطفى الزموري كرمز متعدد الأبعاد:

  • "مغربيًا:" يمثل صفحة مشرقة من التاريخ المغربي المنسي.
  • "إفريقيًا:" رمزًا لأول حضور إفريقي مسلم في أمريكا.
  • "إنسانيًا:" دليلًا على قدرة الإنسان على التكيف والنجاة رغم الظروف القاسية.

إحياء ذكرى الزموري اليوم ليس مجرد احتفاء بماضٍ بعيد، بل هو أيضًا دعوة لإعادة كتابة التاريخ بإنصاف، والتأكيد على أن "المغاربة ساهموا في صنع تاريخ العالم".

أسئلة شائعة حول مصطفى الزموري

1. من هو مصطفى الزموري؟

هو مستكشف مغربي وُلد في مدينة أزمور، ويُعتبر أول إفريقي مسلم يصل إلى أمريكا الشمالية.

2. ما الذي يميز دوره عن كولومبوس؟

كولومبوس اكتشف السواحل فقط، بينما الزموري اخترق عمق القارة وربط الصلات مع السكان الأصليين.

3. لماذا لم يُعرف اسمه في كتب التاريخ؟

لأنه كان عبدًا، ولأن التاريخ الأوروبي ركّز على شخصيات أوروبية معروفة.

4. هل يُعتبر أول مسلم يصل إلى أمريكا؟

نعم، المؤرخون يعتبرونه أول مسلم تطأ قدماه أراضي أمريكا الشمالية.

خاتمة

إن قصة "مصطفى الزموري المغربي" تكشف لنا أن التاريخ ليس كما يُدرّس دائمًا، بل فيه أبطال منسيون ظلمهم الزمان وأغفلتهم الروايات الرسمية. لقد كان الزموري جسرًا بين المغرب وأمريكا، وشاهدًا على لقاء حضارتين مختلفتين.
ولعل إعادة الاعتبار له اليوم، هو اعتراف ضمني بدور المغرب وأبنائه في صنع التاريخ العالمي، وإبراز لقيمة الهوية المغربية التي لا تنفصل عن قصة الإنسانية جمعاء.

تعليقات