في ظل تصاعد حدة التوترات السياسية والدبلوماسية بين المغرب والجزائر، انتقل الصراع بين البلدين إلى ساحة جديدة، لا تقل خطورة وتأثيرًا: الفضاء السيبراني. أعلنت مجموعة من القراصنة المغاربة تُدعى "فانتوم أطلس" (Phantom Atlas) عن تنفيذ هجوم سيبراني ضخم استهدف مؤسسات جزائرية ذات طابع استراتيجي، وذلك كرد مباشر على هجوم إلكتروني جزائري سبق أن طال مؤسسات مغربية حيوية. هذا التطور يُسلط الضوء على واقع "الحرب السيبرانية" المتصاعدة في المنطقة، ويطرح تساؤلات كثيرة حول حدود هذه المواجهة الرقمية وتداعياتها المستقبلية.
من هم قراصنة المغاربة "فانتوم أطلس"؟
تعريف المجموعة وهوية تحركاتها الرقمية
"فانتوم أطلس" هي مجموعة سيبرانية مغربية غير رسمية، تنشط في مجالات "الاختراق الإلكتروني والدفاع السيبراني الوطني". ظهرت بقوة في الساحة الرقمية خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا عند حدوث استفزازات رقمية أو حملات دعائية تستهدف الوحدة الترابية للمملكة. تتخذ هذه المجموعة من تطبيق "تلغرام" وسيلة رئيسية لنشر بياناتها، وتُعرّف نفسها كـ"حماة رقميين" للمغرب في مواجهة التهديدات السيبرانية القادمة من الخارج، وعلى رأسها "الهجمات الجزائرية المنظمة".
تُعرف "فانتوم أطلس" باستخدامها أساليب متقدمة تعتمد على الثغرات الأمنية والتحليل الشبكي والتشفير، ما يجعلها واحدة من أبرز ممثلي "قراصنة المغاربة" في الفضاء الرقمي.
خلفية الهجوم: اختراق جزائري لمؤسسات مغربية حساسة
بداية التصعيد السيبراني
الهجوم المغربي لم يأتِ من فراغ، بل كان "رد فعل مباشر ومنظم" على هجوم سيبراني نُسب إلى مجموعة جزائرية تُدعى "جبروت". هذا الهجوم استهدف مؤسسات مغربية ذات طابع حساس واستراتيجي، أهمها:
- "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS"، الذي يضم بيانات الملايين من المواطنين المغاربة، بما في ذلك ملفاتهم الطبية والمالية.
- "وزارة الشغل والإدماج الاقتصادي"، وهي إحدى أهم الوزارات التي تُعنى بسياسات التشغيل والتكوين والاقتصاد الاجتماعي.
وقد أسفر هذا الهجوم عن "تسريب بيانات حساسة"، بعضها يُعتقد أنه يحمل طابعًا استراتيجيًا، مما دفع السلطات المغربية والأوساط السيبرانية الوطنية إلى رفع حالة التأهب القصوى.
تفاصيل الهجوم السيبراني المغربي على الجزائر
استهداف مؤسسات حيوية جزائرية
ردًا على هذا الاعتداء، أعلنت مجموعة "فانتوم أطلس" أنها نجحت في تنفيذ عملية اختراق كبرى ضد مؤسسات جزائرية خلال أقل من 24 ساعة، مستهدفة بذلك:
المؤسسة العامة للبريد والاتصالات الجزائرية
أوضحت المجموعة أنها تمكنت من:
- اختراق "الأنظمة الداخلية للمؤسسة العامة للبريد والاتصالات"
- "استخراج أكثر من 13 جيجابايت من البيانات الحساسة"
- الوصول إلى "معلومات شخصية" لمستخدمين وموظفين
- الاطلاع على "ملفات استراتيجية داخلية" تُظهر بوضوح "نقاط ضعف أمنية وتنظيمية"
هذا النوع من العمليات يُظهر أن "فانتوم أطلس" لا تقتصر في تحركاتها على الرد العاطفي، بل تُنفذ هجماتها بشكل "محترف ومدروس وبدقة عالية".
وزارة الشغل الجزائرية
لم تقف العملية عند مؤسسة البريد، بل امتدت لتشمل "وزارة الشغل الجزائرية"، حيث تم:
- الاستيلاء على وثائق داخلية تُثبت وجود اختلالات هيكلية عميقة
- تسريب مستندات تؤكد "سوء تدبير"، و"تفشي البيروقراطية والفساد الإداري"
- الكشف عن "ثغرات كبيرة في البنية التحتية المعلوماتية" الخاصة بالوزارة
"فانتوم أطلس" نشرت أجزاء من هذه الوثائق كدليل على اختراقها الكامل، مع وعود بكشف المزيد لاحقًا.
الأبعاد السياسية للهجوم السيبراني
الدفاع السيبراني عن السيادة الوطنية
وصف بيان "فانتوم أطلس" هذه الهجمات بأنها "رد فعل محسوب ومنظم" على "الاعتداء السيبراني الجزائري"، مؤكدًا أن:
"نحن في حالة ترقب دائم. وقدراتنا لا يستهان بها. وأي عمل استفزازي مستقبلي سيواجه برد قاسٍ وغير متوقع."
كما شددت المجموعة في بيانها على موقفها الثابت تجاه القضية الوطنية، مُعلنة بوضوح:
"الصحراء المغربية ستبقى جزءًا لا يتجزأ من التراب الوطني وتحت السيادة المغربية الكاملة. لا مجال لأي نقاش حول هذا الأمر."
هذا الربط بين العمل السيبراني والقضية السياسية يُبرز أن "فانتوم أطلس" ليست مجرد مجموعة قراصنة، بل "كيان رقمي يحمل بُعدًا وطنيًا واستراتيجيًا".
هجوم إعلامي: اختراق وكالة الأنباء الجزائرية
عملية اختراق ذات بعد رمزي وإعلامي
في سياق متصل، تعرض الحساب الرسمي لـ "وكالة الأنباء الجزائرية APS" على منصة "إكس (تويتر سابقًا)" لعملية اختراق يُعتقد أن من يقف خلفها هم "قراصنة مغاربة".
خلال هذه العملية، تم:
- تغيير اسم الحساب إلى “Sahara Marocain”، في إشارة رمزية واضحة لمغربية الصحراء
- نشر صور وشعارات وطنية مثل "لا إله إلا الله"
- بث محتوى إعلامي يُروج للموقف المغربي الرسمي بخصوص النزاع الإقليمي
هذا الهجوم الإعلامي الرقمي يُظهر أن معركة الفضاء السيبراني لم تعد تقنية فقط، بل أصبحت "ساحة للتأثير الرمزي والسياسي والاتصالي".
تهديدات مستقبلية: نشر الوثائق المسروقة
رسالة تحذيرية قوية
في ختام بيانها، لم تكتفِ "فانتوم أطلس" بالإعلان عن نجاح العملية، بل وجهت رسالة تحذيرية مباشرة إلى السلطات الجزائرية:
"الجزائر استهانت بقدراتنا، وستتحمل الآن العواقب الوخيمة لهذا التقليل من الشأن."
وألمحت المجموعة إلى "نية نشر الوثائق التي تم الاستيلاء عليها قريبًا"، ما قد يُسبب إحراجًا كبيرًا للمؤسسات الجزائرية المعنية، خاصة إذا كانت تتعلق بمراسلات أو قرارات داخلية حساسة.
شرح مصطلحات
قراصنة المغاربة
مصطلح يُطلق على مجموعات هاكرز مغاربة تنشط في الفضاء الرقمي، تُعرف بولائها الوطني وتدخلها لحماية المصالح السيادية المغربية في العالم الرقمي.
فانتوم أطلس
مجموعة قرصنة مغربية تحمل طابعًا وطنيًا، تنفذ عمليات سيبرانية ضد الجهات التي تستهدف المغرب، وتُعرف بتقنياتها المتطورة وقدرتها على تنفيذ عمليات معقدة.
الهجوم السيبراني
هو عملية اختراق إلكترونية تستهدف أنظمة حواسيب أو شبكات أو مؤسسات، بغرض التجسس أو التدمير أو القرصنة أو الردع السياسي.
خاتمة
أثبتت عملية "فانتوم أطلس" أن المغرب يمتلك "كفاءات رقمية قادرة على حماية سيادته في الفضاء السيبراني"، والرد على أي محاولة اختراق أو استفزاز بحزم واحترافية. لقد أصبح الفضاء الإلكتروني ميدانًا حقيقيًا للصراع، تلعب فيه مجموعات القراصنة الوطنية دورًا حاسمًا في الدفاع عن صورة وكرامة الدولة.
ويبقى السؤال:
هل ستتطور هذه الحرب الإلكترونية إلى مواجهات أكثر تعقيدًا؟ أم أن الأطراف ستُدرك خطورة استمرار التصعيد في عالمٍ تُدار فيه المعارك عبر الشيفرة وليس عبر الأسـ.ـــلحة؟